روايه: ظل القمر | عن قصة الزوجة والثعلب
الفصل الأول: العروس الغامضة
في قرية نائية تحيط بها الجبال وتكتنفها الغابات القديمة، عاش شاب
يُدعى "هارو"، صياد ماهر لكنه وحيد، بعد أن فقد عائلته في حادث غامض
عندما كان طفلًا. كان يُعرف بحذره الشديد، غير أنه في إحدى ليالي الشتاء، وبينما
كان يعبر الغابة بحثًا عن طرائده، عثر على امرأة فاقدة الوعي ترتدي ثوبًا أبيض
حريريًّا، وبجانبها ظل خافت لما يشبه الذيل.
حملها هارو إلى كوخه القابع عند أطراف الغابة، وحينما استيقظت، لم
تتذكر سوى اسمها: "يوكا". كانت جميلة بشكل غامض، بشرتها شاحبة كضوء
القمر، وعيناها بلون العسل الذهبي. ومع مرور الأيام، شعرت القرية بنوع من الغرابة
المحيطة بها، فالأمر لم يكن مجرد صدفة، إذ بدأت الحيوانات تختفي، وأصوات غامضة
تعلو ليلاً.
رغم ذلك، وقع هارو في حب يوكا، وسرعان ما تزوجا. لكنها كانت تختفي في
الليالي المقمرة، وحين يسألها، تكتفي بالابتسام. كان قلبه مزيجًا من الحب والشك،
حتى بدأ يشاهد في أحلامه رؤى غريبة عن ثعلب أبيض يجري في الغابة.
في إحدى الليالي، وبينما كان هارو يتابع يوكا في أحلامه، وجد نفسه في
مكان غريب، غابة مليئة بالأزهار المتوهجة والأشجار العملاقة. في وسط هذه الغابة،
كان هناك بركة ماء ينعكس على سطحها ضوء القمر. وفي هذه البركة، رأى هارو انعكاس
يوكا، لكنها لم تكن وحدها. كان هناك ظل آخر، ظل رجل يرتدي عباءة سوداء، يقف
بجانبها. حين حاول هارو الاقتراب، اختفى المشهد واستيقظ مفزوعًا.
في اليوم التالي، وجد هارو رسالة مجهولة على عتبة بابه، مكتوب عليها:
"احذر، فالظلال تخفي أسرارًا قديمة. لا تثق بما تراه عيناك". لم يعرف
هارو من أين جاءت هذه الرسالة، لكنه شعر بأنها تحمل تحذيرًا خطيرًا.
الفصل الثاني: السر الكامن في الظلال
بدأت الأمور تتغير. كان هارو يشعر ببرودة غير معتادة في المنزل،
وتزداد أحلامه وضوحًا. ذات ليلة، قرر تتبع يوكا حينما خرجت من المنزل متسللة. سار
خلفها إلى عمق الغابة، حيث شاهدها تتحول إلى ثعلب أبيض بذيول تسعة تحت ضوء القمر.
صُدم هارو وعاد أدراجه، لكنه لم يواجهها مباشرة. بل بدأ بجمع الأدلة،
متتبعًا الحكايات القديمة عن ثعالب الأساطير، حتى وجد عجوزًا في القرية أخبره
بحكاية "روح الثعلب التي تتزوج البشر لتكسب قوتها من حبهم".
في إحدى الليالي، وبينما كان هارو يتأمل في كلام العجوز، سمع صوت خطى
خارج الكوخ. خرج ليجد رجلًا غريبًا يرتدي عباءة سوداء، يحمل في يده عصا خشبية
منحوتة. قال الرجل: "أنا حارس الغابة، وأعلم بسر يوكا. إنها في خطر، وعليك أن
تحميها من الظلال التي تلاحقها".
حين واجه هارو يوكا في الليلة التالية، لم تنكر الحقيقة. بدموع في
عينيها، روت قصتها: كانت واحدة من آخر ثعالب القمر، وحُكم عليها أن تعيش بين البشر
حتى تجد حبًا حقيقيًا يمنحها الخلاص. لكن حبها لهارو كان يعني أنها ستخسر قواها
قريبًا.
في تلك الليلة، ظهرت أشباح في الغابة، تهمس بأسماء غريبة وترسم رموزًا
غامضة على جذوع الأشجار. شعر هارو بأن هناك قوى خفية تحاول السيطرة على يوكا،
وأدرك أنه يجب أن يكون أقوى من أي وقت مضى.
الفصل الثالث: لعنة الدم والنار
بعد انكشاف السر، بدأ هارو يشعر بالخوف من يوكا، رغم حبه لها. لكن لم
يكن هناك وقت طويل للتفكير، إذ أن كيانًا غامضًا، ثعلب أسود ذو أنياب حادة، بدأ
يطارد يوكا.
ظهر هذا الثعلب الملعون ليلة اكتمال القمر، متوعدًا يوكا بالموت إن لم
تعد إلى عالم الأرواح. قاتل هارو بشجاعة لحماية زوجته، لكن القوة الغامضة لهذا
العدو كانت مدمرة.
في تلك الليلة، اشتعلت النيران في الغابة، وتصاعد الدخان كثيفًا، وكأن
العالم ذاته يرفض هذا التحدي بين الحب والقدر. وفي خضم الفوضى، ظهر حارس الغابة
مرة أخرى، وأعطى هارو سيفًا قديمًا، قائلًا: "هذا السيف يحمل قوة الأسلاف،
استخدمه لحماية من تحب".
بينما كان هارو يقاتل بالسيف، شعر بقوة غريبة تسري في جسده، وكأنه يستعيد ذكريات قديمة لم يعرفها من قبل. تذكر أن عائلته كانت تحمل نفس المسؤولية، حماية الغابة وأسرارها من القوى الشريرة.
الفصل الرابع: القرار المستحيل
بينما كانت النيران تلتهم الأشجار، كان على يوكا أن تختار: إما أن
تهرب وتعيش كإنسانة، أو أن تستخدم آخر ما تبقى من قواها لمحاربة الثعلب الأسود.
اختارت المواجهة.
استدعت طاقة القمر، وتحولت للمرة الأخيرة إلى شكلها الأصلي، أقوى من
أي وقت مضى. قاتلت بضراوة، لكن كلما استخدمت قوتها، تلاشت إنسانيتها.
في خضم المعركة، ظهرت أرواح الغابة، تساعد يوكا في مواجهة العدو. كانت
هناك أصوات تهمس بأسماء أجداد هارو، وتذكره بواجبه تجاه الأرض والطبيعة. شعر هارو
بأنه جزء من شيء أكبر، وأن حبه ليوكا هو القوة التي توحد كل شيء.
في النهاية، لم يتبقَ سوى هارو ويوكا الجريحة، التي بالكاد تستطيع
الوقوف. وقبل أن ينبلج الفجر، نظرت إليه قائلة: "أردت أن أكون بشرية لأجلك،
لكن الحب الحقيقي هو أن أكون نفسي".
الفصل الخامس: ظل القمر
عند أول خيوط الفجر، اختفت يوكا. لم يدرِ هارو إن كانت قد ماتت أم
عادت لعالمها، لكنه شعر بوجودها في كل شيء من حوله. لم يكن وحيدًا تمامًا، فقد ظل
ظلُ القمر يرافقه أينما ذهب.
كل ليلة، كان يسمع همسة في الريح، كأنها تقول: "أنا هنا، في
الظلال، في القمر، في قلبك". وفي إحدى الليالي، وجد هارو نفسه يتبع الهمسة
إلى مكان جديد في الغابة، حيث كانت هناك بحيرة صغيرة تعكس ضوء القمر.
في هذه البحيرة، رأى هارو انعكاس يوكا مرة أخرى، لكن هذه المرة كانت
تبتسم. قالت له: "لقد حان الوقت لتكتشف قوتك الحقيقية. أنت حارس الغابة،
وعليك أن تحميها من الشر". ومع هذه الكلمات، اختفت الصورة، لكن هارو شعر بقوة
جديدة تملأ جسده.
في الأيام التالية، بدأ هارو يستخدم قواه الجديدة لحماية القرية
والغابة. أصبح يعرف كيفية التحدث إلى الأشجار والحيوانات، وكيفية استخدام طاقة
القمر للشفاء والحماية. ورغم غياب يوكا الجسدي، كان حبهما يوحد العالمين، ويمنح
هارو القوة لمواجهة أي تحدٍّ قد يواجهه.
تعليقات
إرسال تعليق