رواية : ظل العقاب | مستوحاه من روايه "الشيطان شاهين"

 الفصل الأول: لقاء تحت الظلال

كانت "رُبى السيوفي" تقف أمام بوابة القصر العملاق، تتأمل بعينيها الواسعتين تفاصيله المهيبة. لم تكن تتخيل يومًا أنها ستعمل في مكان كهذا، حيث تمتزج الفخامة بالغموض، وحيث كل ركن يبدو كأنه يخفي سرًا.

طرقت الباب بخفة، وما لبث أن فتح لها كبير الخدم. بدا الرجل صارمًا وهو يقودها عبر الممرات الفاخرة، حتى وصلت إلى مكتب "مالك الجارحي"، رجل الأعمال المعروف. جلس خلف طاولة خشبية ضخمة، ينظر إليها بنظرة باردة متفحصة.

"أنتِ المربية الجديدة؟" سأل بصوت هادئ لكنه يحمل نبرة لا تحتمل النقاش.

"نعم، سيدي." أجابت بثقة رغم شعورها الداخلي بالتوتر.

"وظيفتكِ بسيطة،" قال وهو يشبك أصابعه. "تهتمين بابني، تتأكدين أنه يدرس جيدًا، ولا يسبب مشاكل. لا أريد دراما، ولا أريد تعلّقًا. هل هذا مفهوم؟"

هزّت رأسها موافقة، لكن قبل أن تنطق بشيء، انفتح الباب بعنف ودخل "آدم"، الطفل ذو السبعة أعوام، عيناه تحملان عنادًا وغضبًا طفوليًا.

"لا أريد مربية جديدة!" صرخ وهو يقف خلف والده، كأنه يبحث عن حماية غير مرئية.

تنهد "مالك" بملل، ثم نظر إلى "رُبى" قائلاً بلهجة حازمة: "هذه آخر فرصة لك يا آدم. لا مزيد من الأعذار."

التقت نظرات "رُبى" بعيني الصغير، فوجدت فيهما شيئًا مألوفًا... الألم. كان ذلك الشعور الذي تعرفه جيدًا، شعور الوحدة والخوف. ابتسمت له بلطف، لكنها لم تجد ردًا سوى تحديق حذر.

بعد اللقاء، اصطحبها كبير الخدم إلى غرفتها في الجناح الخاص بالمربيات. كان المكان فاخرًا، لكنه يفتقر للحياة. جلست على سريرها، فتحت دفتر ملاحظاتها، وبدأت تكتب: "آدم طفل وحيد، محاط بالثراء لكنه يفتقد الدفء. مالك الجارحي... رجل يبدو وكأنه يحمل العالم على كتفيه، لكنه يخفي خلف مظهره شيئًا عميقًا... مؤلمًا."


الفصل الثاني: خلف الجدران العالية

مرت الأيام، وكانت "رُبى" تحاول التقرب من "آدم" بشتى الطرق، لكنه ظل صامتًا معظم الوقت. لم يكن يعاندها، لكنه ببساطة لم يكن يكترث.

وذات ليلة، وبينما كانت ترتب أغراضه، وجدت دفترًا صغيرًا مخبأ أسفل وسادته. فتحته بحذر، وقرأت بعض السطور التي جعلت قلبها ينقبض:

"أبي لا يحبني. أمي تركتني بسببه. لا أحد يهتم إذا كنت سعيدًا أو حزينًا. أتمنى أن أصبح غير مرئي."

وضعت "رُبى" الدفتر جانبًا، ثم نهضت بسرعة واتجهت إلى مكتب "مالك"، وجدته جالسًا يحتسي قهوته كعادته.

"علينا التحدث،" قالت بجدية.

رفع عينيه نحوها ببرود: "حول ماذا؟"

"حول ابنك، حول الطريقة التي تعاملونه بها، حول..."

قاطعها بحدة: "لا تتدخلي فيما لا يعنيكِ،" ثم أضاف بصوت أكثر هدوءًا ولكن لا يقل حزمًا، "لا تفترضي أنكِ تفهمين ما يحدث هنا، رُبى."

لكنها لم تكن على استعداد للتراجع. "إذا لم يتغير شيء، فإن آدم سيضيع منك إلى الأبد."

عندها، رأت شيئًا مختلفًا في عينيه... شرخًا في ذلك الجدار الصلب الذي بناه حول نفسه.


الفصل الثالث: عندما يتكلم الصمت

بدأت علاقة "رُبى" بـ"آدم" تأخذ منحنى مختلفًا. لم يعد الطفل يعاملها بجفاء، لكنه لم يكن مستعدًا بعد للثقة الكاملة. حاولت "رُبى" التقرب إليه بأساليب مختلفة، وذات يوم، اصطحبته إلى الحديقة الخلفية للقصر حيث يوجد بحيرة صغيرة.

هناك، جلسا سويًا على العشب، وبدأت تخبره عن طفولتها الصعبة. كيف أنها كانت يتيمة منذ صغرها، وكيف كانت تتمنى أن يكون لديها عائلة تحبها.

نظر إليها "آدم" بعينين حزينتين، وقال بصوت خافت: "أنا أيضًا أشعر أنني يتيم، رغم أن أبي لا يزال هنا."

تلك الكلمات اخترقت قلب "رُبى"، لكنها لم تعلق. فقط وضعت يدها على كتفه في محاولة لمنحه الأمان الذي يحتاجه.

لكن في تلك اللحظة، كان هناك من يراقبهما من بعيد... "مالك الجارحي".


الفصل الرابع: ظلال الماضي

في إحدى الليالي، تلقت "رُبى" رسالة غامضة تُحذرها من البقاء في القصر. تجاهلتها في البداية، لكنها بدأت تلاحظ أمورًا مريبة: شخص يراقبها من بعيد، ظلال تتحرك ليلاً، وأحاديث خافتة خلف الأبواب المغلقة.

قررت مواجهة "مالك" وسألته عن هذه التهديدات، لكنه تجنب الحديث، مما زاد شكوكها.

في اليوم التالي، تسللت إلى مكتبه أثناء غيابه، ووجدت ملفات قديمة تحتوي على معلومات عن حادثة قديمة تتعلق بماضيه.

كان هناك اسم يتكرر في الأوراق... "إياد الجارحي".

من هو؟ وما علاقته بكل هذا؟


الفصل الخامس: ولادة جديدة


انكشفت الحقيقة أخيرًا.

كان "إياد الجارحي" هو شقيق "مالك" الأكبر، الذي توفي في ظروف غامضة قبل سنوات. كان هناك من يعتقد أن "مالك" مسؤول عن موته.

التهديدات لم تكن موجهة لـ"رُبى" فقط، بل كانت جزءًا من انتقام شخص ظل في الظل لسنوات.

في لحظة حاسمة، تعرض "آدم" للخطر عندما حاول شخص مجهول اقتحام القصر. اندفع "مالك" لحماية ابنه، وخاض مواجهة عنيفة انتهت بكشف المجرم الحقيقي: أحد رجال العائلة الذي كان يسعى للانتقام.

بعد انتهاء الخطر، جلس "مالك" مع ابنه، ونظر إليه بطريقة مختلفة تمامًا. لأول مرة منذ سنوات، قال له: "أنا آسف يا بني."

أما "رُبى"، فقد قررت البقاء... ليس كمربية، بل كجزء من هذه العائلة التي ولدت من جديد وسط العواصف والظلال

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أجنحة الامل : مستوحاه من رواية شاهين السماء

مذكرات نشال | للمعلم عبد العزيز "النص"

رواية : ملكة الملح الأسود | 2025

رواية: لعبة الساعات الزجاجية | لا أحد يهرب من عدّاد الذكريات

رواية شمس الغروب | مستوحاة من رواية "كبرياء وتحامل"

رواية : العابر بين النجوم | عن روايه الأمير الصغير

روايه: ظل القمر | عن قصة الزوجة والثعلب