رواية بين الحب والسراب | مستوحاه من رواية جين إير

 الفصل الأول: بداية مظلمة وموظفة جديدة

كانت سلمى تنظر إلى الزجاج المكسور في الغرفة، تتأمل بعيون شاردة كيف كانت حياتها تتناثر كالزجاج المكسور حولها. في تلك القرية الصغيرة، حيث كان الأفق ضبابيًا كالذكريات البعيدة، نشأت سلمى في بيئة قاسية. فقدت والدتها وهي صغيرة، وكان والدها يعمل في الأرض طوال اليوم بينما كانت هي تدير منزلًا بسيطًا. كانت الحياة هنا تقتصر على البقاء فقط، والمضي قدمًا في اليوم التالي.

لكن سلمى كانت مختلفة. لم تكن تحلم فقط بالبقاء؛ كانت تحلم بالهروب. هروب إلى مكان آخر، حيث يمكن أن تكون نفسها، حيث يمكن أن تجد فرصة أفضل.

في إحدى الأيام، قررت أن تترك كل شيء وراءها وتبدأ حياة جديدة. مع حقيبة صغيرة، وقرار حاسم، غادرت القرية نحو المدينة الكبيرة التي لطالما حلمت بالعيش فيها. كانت المدينة صاخبة، والشوارع لا تهدأ، والكثير من الناس يتحركون دون أن يلاحظ أحدهم الآخر. كان كل شيء مختلفًا عن الحياة التي اعتادت عليها، لكن هناك شعرت بشيء غريب، نوع من الحرية.

بدأت العمل في شركة كبيرة، مكان يختلف تمامًا عن كل ما اعتادت عليه. في البداية، كانت الأمور صعبة. كانت ترتب الملفات وتدير المكالمات، لكن في داخلها كانت هناك رغبة أكبر. رغبة في النجاح، في أن تصبح شيئًا مميزًا في هذا المكان الذي يشبع بالفرص.

لكن كان هناك شيء آخر، شيء أكثر إثارة للاهتمام في هذا المكان. وكان اسمه "آدم"، المدير الغامض الذي لم يعرفه أحد تمامًا. كان رجلًا ذو حضور قوي، يتسم بالسلطة، ويمتلك ملامح صارمة. لم يكن يتحدث كثيرًا، ولكن عندما تحدث كان كل شيء يتوقف للاستماع إليه. كان يُنظر إليه باعتباره الرجل الذي يتحكم في كل شيء. ولكن كان هناك شيء ما في عينيه، شيء يشبه الظل، يجعل من الصعب معرفة ما يفكر فيه. لم تكن سلمى قادرة على إبعاده عن ذهنها.


في الأيام الأولى، كان يتجاهلها، لكن في إحدى الاجتماعات، نظر إليها نظرة غريبة. كانت تلك اللحظة التي شعرت فيها بشيء غير مريح، شيء غامض. كانت تلك اللحظة التي بدأ فيها كل شيء يتغير.

بينما كانت سلمى تتهيأ للسفر، كانت عائلتها في القرية غير سعيدة بقرارها. كان والدها يعتقد أن المدينة لن تمنحها إلا المتاعب، بينما كانت عمتها ترى أن هذه فرصة لا تعوض. كان هناك شجار حاد في المنزل قبل مغادرتها، ودموع والدتها كانت تملأ عينيها وهي تقف على الباب، تقول لها: "حافظي على نفسك، ولا تنسي من أين أتيت."

كانت الكلمات تتردد في رأسها طوال رحلتها إلى المدينة، لكنها كانت مصممة على المضي قدمًا. "لن أعود، لن أسمح لنفسي أن أظل محبوسة هنا." كان هذا هو وعدها لنفسها.

الفصل الثاني: السر في الماضي

مرت أسابيع على بداية عمل سلمى في الشركة، وبينما كانت تحاول التأقلم مع بيئة العمل الجديدة، كان هناك شخص واحد يأخذ كل انتباهها: آدم. كان مديرًا قاسيًا وغامضًا، لا يتحدث كثيرًا، إلا عندما يستدعي الأمر. كان يراقب الجميع عن كثب، لكن عينيه دائمًا ما كانت تحمل شيئًا غريبًا. كان من الصعب معرفة ما يفكر فيه، ولا أحد يعرف الكثير عنه. كان يتجنب الخوض في تفاصيل حياته الشخصية، وهو ما زاد من غموضه.

كانت سلمى قد بدأت في ملاحظة تفاصيل صغيرة، بعض الإشارات التي كان يتركها وراءه، مثل ردود فعله عندما يتحدث الآخرون عنه. كان لديه تاريخ ماضي لا يرغب أحد في التحدث عنه، وهذا جعله أكثر جذبًا للاهتمام. حاولت كثيرًا أن تركز على عملها، ولكنها كانت دائمًا تجد نفسها تتساءل عن هذا الرجل الذي يملك كل هذه القوة، ويظل مختفيًا وراء ستار من الأسرار.

في إحدى الأيام، بينما كانت سلمى تعمل في مكتبها، جاء إليها أحد الزملاء وابتسم قائلاً: "هل رأيت ذلك؟ لقد عاد آدم من رحلته". كانت كلمات الزميل كافية لكي يشعرها القلق. "من أين أتى؟" سألته، لكن الزميل هز رأسه قائلاً: "لا أحد يعرف، لكن هناك حديث عن شيء كبير وقع في حياته."

كلما كانت تسأل أكثر، كلما ازدادت الأسئلة ولم تجد إجابات. كان هناك شيء في طريقة حديثه وتعامله مع الأمور جعلها تظن أن هناك سرًا كبيرًا يخفيه، شيء لا يريد أحد أن يعرفه. ومع مرور الوقت، بدأ الفضول يلتهمها أكثر فأكثر.

 

الفصل الثالث: اختبار الشخصية

تغيرت الأمور كثيرًا في حياة سلمى عندما بدأت تواجه تحديات أكبر في العمل. كان لديها مشروع معقد يتطلب التنسيق مع العديد من الأقسام داخل الشركة. كان هذا هو اختبارها الحقيقي. لم تكن الأمور سهلة، إذ كانت كل خطوة تتطلب دقة وعناية. ومع ذلك، بدأت تلاحظ شيئًا غريبًا. كان آدم يراقب كل تحركاتها، دون أن يقول شيئًا. كان ينظر إليها بحذر، كما لو كان يقيم قدراتها.

في أحد الاجتماعات المهمة، حيث كانت تقدم تقريرًا عن المشروع، شعر الجميع بتوتر غير طبيعي. لكن سلمى كانت هادئة، وكأنها أخذت قرارًا داخليًا بأنها ستثبت نفسها. كانت تجيب على الأسئلة بثقة، لكنها شعرت بوجوده خلفها، تلك النظرات الحادة التي تلاحقها. بعد الاجتماع، اقترب منها آدم وأبدى إعجابه بأدائها. "لقد أديتِ جيدًا، لكنكِ تحتاجين إلى المزيد من التجربة." قال ذلك بصوت منخفض، مما جعل قلبها يخفق.

بينما كانت سلمى تغادر المكتب في ذلك اليوم، كان عقلها مشغولًا بكل ما قاله آدم. هل كان هذا تقديرًا حقيقيًا؟ أم كان مجرد اختبار آخر من اختبارات هذا الرجل الغامض؟ كانت تشعر أنها في مرحلة تحوّل. لقد أثبتت أنها قادرة على تحمل المسؤولية، ولكنها لا تستطيع أن تحسم أمرها بشأن هذا الرجل.

بينما كانت تمر الأيام، بدأت سلمى تشعر أنها تتغير. كانت أكثر قوة، وأكثر جرأة، وكان هذا واضحًا في طريقة تعاطيها مع تحديات العمل. لكن قلبها لم يكن مطمئنًا بعد.

 

الفصل الرابع: الحقيقة تظهر

كلما اكتشفت سلمى المزيد عن آدم، أصبح الموضوع أكثر تعقيدًا. في إحدى الليالي، بينما كانت تحاول العثور على بعض الأوراق في مكتب آدم بعد أن طلب منها مساعدته، عثرت على شيء غير متوقع. كانت هناك رسائل قديمة، تملأ الأدراج الصغيرة في مكتبه. رسائل موجهة من شخص مجهول، وتحتوي على تفاصيل عن ماضيه. لم تكن الرسائل تصف سوى فصول من الألم والخسارة.

كلما قرأت أكثر، شعرت بشيء غريب. كان آدم قد فقد شخصًا عزيزًا عليه في حادث مأساوي، وكان من المفترض أن يكون هذا الشخص قد كان جزءًا مهمًا من حياته الشخصية. كما اكتشفت أنه كان يعاني من تهمة عائلية قديمة مرتبطة بهذا الحادث، ويبدو أن هناك شائعات حول تورطه في حادث كان يُعتقد أنه متعمد.

ولكن ماذا عن سلمى؟ هل يجب عليها أن تفتح هذا الملف المظلم؟ هل تستمر في السير وراء هذا السر؟ كان هناك شيء داخلي يدفعها للسعي وراء الحقيقة.

في اليوم التالي، قررت أن تواجهه. دخلت مكتبه وابتسمت بتوتر، وقالت: "أريد أن أعرف الحقيقة، آدم. لم يعد بإمكاني تحمل هذا الصمت." كان يبدو أنه استعد لذلك. نظر إليها لبضع لحظات، ثم قال بصوت منخفض: "أنتِ لا تعرفين ما الذي تتحدثين عنه."

ولكنه بعد فترة من الصمت، بدأ يروي القصة، قصته. كان هناك حدث مأساوي، ولكن الحقيقة كانت أكثر تعقيدًا مما كانت تتصور.

 

الفصل الخامس: النهاية والتغيير



بعد أن اكتشفت سلمى كل شيء عن ماضي آدم، تغيرت رؤيتها له. لم تعد ترى فيه مجرد شخص غامض وقوي، بل رأته بشخصية مليئة بالألم والمعاناة. ومع ذلك، كان هناك شيء لا يزال يربطهما معًا. كان هناك تواصل عاطفي بينهما، على الرغم من أن الأمور كانت لا تزال مشوشة.

لكن سلمى بدأت في إدراك شيء مهم. قد يكون ماضي آدم ثقيلًا، لكنه لا يحدد مستقبلهما معًا. كان كل شيء يحتاج إلى اتخاذ قرار. هل تستمر في علاقتها به رغم تعقيد الأمور؟ أم أنها تتخذ القرار الأصعب: المضي قدمًا؟

في النهاية، قررت سلمى أن تأخذ حياتها في يدها. لم تكن مستعدة للبقاء في علاقة مع شخص لا يمكنه أن يكون جزءًا من مستقبلها. كانت بحاجة إلى بناء حياتها الخاصة، بعيدًا عن ماضي آدم، ومواجهة تحديات الحياة من جديد، وحدها.

وقبل أن تغادر، نظرت إلى آدم، وأخبرته بصوت هادئ: "لقد تعلمت الكثير منك، ولكنني بحاجة إلى مسار خاص بي."

أما هو، فبقي صامتًا، يعلم أنه فقد جزءًا من نفسه، ولكنه أدرك أن كل شخص يجب أن يمضي قدمًا في طريقه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أجنحة الامل : مستوحاه من رواية شاهين السماء

مذكرات نشال | للمعلم عبد العزيز "النص"

رواية : ملكة الملح الأسود | 2025

رواية: لعبة الساعات الزجاجية | لا أحد يهرب من عدّاد الذكريات

رواية شمس الغروب | مستوحاة من رواية "كبرياء وتحامل"

رواية : ظل العقاب | مستوحاه من روايه "الشيطان شاهين"

رواية : العابر بين النجوم | عن روايه الأمير الصغير

روايه: ظل القمر | عن قصة الزوجة والثعلب