رواية : سقوط طرواده | أبطال وألهه
الفصل الأول: بذور الحرب
في قصر الملك
بيلوس، كان الاحتفال بزواجه من الحورية ثيتيس حدثًا أسطوريًا. القصر كان مزينًا
بالذهب والفضة، والضيوف كانوا مزيجًا من الآلهة والبشر. زيوس وهيرا كانا يجلسان
على عرشين ذهبيين، بينما أبولو يعزف على قيثارته، وأفروديت ترقص مع الحوريات. لكن
الغياب الوحيد الذي لفت الانتباه كان غياب إيريس، إلهة الفتنة. لم تُدعَ خوفًا من
طبيعتها المثيرة للخلافات، لكن هذا القرار كان شرارة الكارثة.
إيريس، التي
شعرت بالإهانة، قررت أن تثبت وجودها. ألقت بتفاحة ذهبية منقوش عليها
"للأجمل" بين الحضور. التفاحة لم تكن مجرد هدية، بل كانت اختبارًا لغرور
الآلهة. هيرا، أثينا، وأفروديت تقدمْنَ كل واحدة منهن بحججها. هيرا، ملكة الآلهة،
كانت تعتقد أن التفاحة من حقها بسبب مكانتها. أثينا، إلهة الحكمة، رأت أنها الأجدر
بسبب ذكائها وقدراتها القتالية. أفروديت، إلهة الجمال، كانت تعتقد أن الجمال هو ما
يجعلها الأجدر.
زيوس، الذي
أراد تجنب غضب أي منهن، أحال الأمر إلى باريس، الأمير الطروادي. باريس، الذي كان
يعيش حياة بسيطة كراعٍ في الجبال، وجد نفسه فجأة في موقف يحدد مصير الإمبراطوريات.
كل إلهة قدمت له إغراءًا: هيرا وعدته بالسلطة المطلقة، أثينا بالحكمة والنصر في
المعارك، وأفروديت بحب أجمل امرأة في العالم. اختيار باريس لأفروديت لم يكن مجرد
قرار عابر، بل كان نتيجة صراع داخلي بين طموحه كرجل وحبه للجمال.
بعد اختيار
باريس، بدأت الأحداث تتسارع. أفروديت أوفت بوعودها، وجعلت هيلين، زوجة منيلاوس ملك
إسبرطة، تقع في حب باريس. هروب هيلين مع باريس إلى طروادة كان الشرارة التي أشعلت
الحرب. منيلاوس، الذي شعر بالإهانة والخيانة، طلب مساعدة أخيه أجاممنون، الذي رأى
في هذه الحادثة فرصة لتوسيع نفوذه.
الفصل الثاني: حصار طروادة
مع هروب هيلين
إلى طروادة، أصبحت الحرب حتمية. أجاممنون، الذي رأى في هذه الحادثة فرصة لتوسيع
نفوذه، جمع أكبر جيش عرفه التاريخ. لكن تجميع الجيش لم يكن سهلًا؛ فقد واجه
أوديسيوس، أحد أعظم القادة، صراعًا داخليًا بين واجبه تجاه أجاممنون ورغبته في
البقاء مع عائلته. حتى أخيل، البطل الأسطوري، كان مترددًا في المشاركة، حيث تنبأت
له نبوءة بأنه إذا ذهب إلى طروادة، فسيموت هناك، لكنه سيخلد اسمه في التاريخ.
عند وصول
الإغريق إلى طروادة، بدأ الحصار الذي استمر عشر سنوات. لم تكن المعارك مجرد صراعات
جسدية، بل كانت أيضًا معارك إرادة. هكتور، بطل طروادة، كان يقاتل ليس فقط من أجل
مدينته، ولكن من أجل شرفه كزوج وأب. كان يعلم أن هزيمته تعني نهاية طروادة، لكنه
كان مصممًا على القتال حتى النهاية.
في أحد الأيام،
خاض هكتور وأخيل مواجهة غير مباشرة؛ حيث قاد هكتور هجومًا على معسكر الإغريق،
بينما كان أخيل غائبًا بسبب خلافه مع أجاممنون. هذا الغياب أعطى الطرواديين الأمل،
لكنه أيضًا زاد من توتر العلاقات داخل الجيش الإغريقي. باتروكلوس، صديق أخيل
المقرب، كان يعاني من صراع داخلي؛ فقد كان يشعر بالمسؤولية تجاه الإغريق، لكنه
أيضًا كان يخشى غضب أخيل.
الفصل الثالث: غضب أخيل
الخلاف بين
أخيل وأجاممنون كان أكثر من مجرد نزاع على أسيرة؛ لقد كان صراعًا على السلطة
والكرامة. أخيل، الذي كان يعتبر نفسه أعظم المحاربين، شعر بأن أجاممنون استخف به.
قراره بالانسحاب من القتال لم يكن مجرد رد فعل غاضب، بل كان محاولة لإثبات قيمته.
غياب أخيل من
ساحة المعركة أعطى الطرواديين الفرصة للهجوم. هكتور، الذي كان يعلم أن أخيل هو
العدو الوحيد الذي يمكنه هزيمته، استغل الفرصة وقاد هجومًا شرسًا. في هذه الأثناء،
باتروكلوس، صديق أخيل المقرب، كان يعاني من صراع داخلي؛ فقد كان يشعر بالمسؤولية
تجاه الإغريق، لكنه أيضًا كان يخشى غضب أخيل. قرر أخيرًا ارتداء درع أخيل لرفع
معنويات الجيش، لكن هذا القرار كان له عواقب مميتة.
مقتل باتروكلوس
على يد هكتور كان نقطة التحول في الحرب. أخيل، الذي كان يعاني بالفعل من صراع
داخلي بين غضبه وحزنه، قرر العودة إلى القتال. لكن هذه العودة لم تكن من أجل
الإغريق، بل كانت من أجل الانتقام. مواجهته مع هكتور كانت أكثر من مجرد معركة؛ لقد
كانت صراعًا بين مفهومي الشرف والانتقام.
الفصل الرابع: خدعة الحصان
بعد مقتل
هكتور، بدأ الإغريق يفقدون الأمل في تحقيق النصر. هنا برزت عبقرية أوديسيوس، الذي
كان معروفًا بحيلته وذكائه، اقترح فكرة الحصان الخشبي. كان الحصان عملاقًا،
مصنوعًا من أخشاب السفن الإغريقية، ومزينًا بزخارف ذهبية. داخل الحصان، اختبأ نخبة
من المحاربين الإغريق، بمن فيهم أوديسيوس نفسه.
بناء الحصان
استغرق عدة أيام، وخلال هذه الفترة، كان الإغريق يتظاهرون بالانسحاب. أحرقوا
معسكراتهم وأبحروا بعيدًا، تاركين الحصان كهدية للآلهة. الطرواديون، الذين ظنوا أن
الإغريق قد استسلموا، احتفلوا بانتصارهم. لكن بعض الطرواديين، مثل الكاهنة
كاساندرا، حذروا من أن الحصان قد يكون فخًا. ومع ذلك، تجاهل الجميع تحذيراتها. قرر الطرواديون إدخال الحصان إلى المدينة كغنيمة حرب. استخدموا الحبال
والعجلات لسحبه داخل الأسوار، وسط هتافات الفرح.
في منتصف
الليل، عندما كان الطرواديون نائمين، خرج الإغريق من الحصان. كانوا مسلحين حتى
الأسنان، ومستعدين للانتقام.
أوديسيوس قاد
مجموعة لفتح بوابات المدينة، بينما قام آخرون بإشعال النيران في المنازل والمعابد.
الفوضى عمت طروادة، والدماء سالت في الشوارع.
الملك بريام،
الذي كان عجوزًا ضعيفًا، حاول اللجوء إلى مذبح زيوس طلبًا للحماية. لكن
نيوبتوليموس، ابن أخيل، لم يرحمه وقتله أمام المذبح. مقتل بريام كان رمزًا
لسقوط طروادة، حيث فقدت المدينة قائدها الروحي.
الفصل الخامس: سقوط طروادة
سقوط طروادة لم
يكن مجرد نهاية لحرب، بل كان نهاية لعصر. الملك بريام، الذي شهد مقتل أبنائه
وتدمير مدينته، كان رمزًا للكارثة الإنسانية. إينياس، الذي هرب من المدينة، كان
يحمل معه أملًا جديدًا، لكنه أيضًا كان يحمل ذكريات المأساة.
أما الإغريق،
فلم يكن انتصارهم حلوًا. العديد منهم لقي حتفه في طريق العودة، والبعض الآخر عانى
من لعنات الآلهة. أخيل، الذي خلد اسمه في التاريخ، مات كما تنبأت النبوءة.
أوديسيوس، الذي كان يعتقد أن الحرب انتهت، وجد نفسه في رحلة طويلة مليئة بالمخاطر.
إينياس، الأمير
الطروادي، كان واحدًا من القلائل الذين نجوا من المذبحة. حمل والده العجوز على
ظهره، وأخذ معه بعض الناجين، بما في ذلك زوجته كريوزا وابنه أسكانيوس.
أثناء الهروب،
فقد إينياس زوجته، التي اختفت في الظلام. حاول العودة للبحث عنها، لكن روحها ظهرت
له وحثته على المضي قدمًا.
هيلين، التي
كانت سبب الحرب، وجدت نفسها في موقف صعب. منيلاوس، زوجها السابق، كان يريد قتلها
انتقامًا لخيانتها. لكن عندما رأى جمالها مرة أخرى، تراجع عن قراره.
أفروديت، التي
كانت دائمًا تحمي هيلين، تدخلت مرة أخرى لإنقاذها. عادت هيلين مع منيلاوس إلى
إسبرطة، لكن حياتها لم تكن كما كانت.
الإغريق، الذين
انتصروا في الحرب، لم ينجوا من غضب الآلهة. العديد منهم لقي حتفه في عواصف بحرية،
بينما عانى آخرون من أمراض غامضة.
أجاممنون، الذي
عاد إلى ميكيناي، قُتل على يد زوجته كليتمنسترا، التي كانت غاضبة منه لتضحيته
بابنتهم إيفيجينيا في بداية الحرب.
أوديسيوس، الذي
كان يعتقد أن الحرب انتهت، وجد نفسه في رحلة طويلة مليئة بالمخاطر. واجه عمالقة
بحر، وساحرات، وأرواحًا شريرة.
رحلة أوديسيوس
كانت اختبارًا لصبره وحكمته، حيث كان عليه أن يتغلب على العديد من العقبات قبل أن
يعود إلى زوجته بينيلوب وابنه تيليماخوس.
أخيل، الذي خلد
اسمه في التاريخ، مات كما تنبأت النبوءة. باريس، الذي كان يعلم أن أخيل لا يُقهر
إلا في كعبه، أطلق سهمًا قاتلًا بمساعدة أبولو. موت أخيل كان نهاية
لأسطورة، لكنه أيضًا كان بداية لأسطورة جديدة، حيث أصبح رمزًا للشجاعة والتضحية
تعليقات
إرسال تعليق