رواية : لعنة النمور الحديدية | عن رواية أسطورة كيليوداس
الفصل
الأول: الظل والقدر
في أعماق الجبال الشمالية، حيث
تتداخل الأشجار الكثيفة مع الضباب الداكن، ولد طفل في ليلة عاصفة. كان الرعد يهز
الأرض، وكأن السماء تحتفل بميلاده أو تحذر من قدومه. صوت الرعد كان يشبه هدير
الأسد، والسماء مغطاة بغيوم سوداء كثيفة. أطلق عليه والده اسم "كايلون"،
لكن القدر لم يمنحه فرصة للعيش كأي طفل عادي.
كان والده، داغرين، محاربًا عظيماً
من قبيلة "النمور الحديدية"، وهي عشيرة اشتهرت بقدراتها القتالية
الفائقة وولائها الذي لا يتزعزع لقوانين الحرب. بيت داغرين كان مليئًا بالديكور
الذي يعكس حياة المحارب العظيم، وأسلحته اللامعة تزين الجدران. في الليلة نفسها
التي وُلد فيها كايلون، اجتاحت مجموعة من المرتزقة منزل العائلة، لتنتقم من داغرين
بسبب معركة قديمة.
دافعت العشيرة بشراسة، لكن الأعداء
كانوا أكثر عددًا وأفضل استعدادًا. وسط ألسنة اللهب، حمل داغرين ابنه الرضيع وهرب
عبر ممر سري، تاركًا زوجته وأفراد قبيلته لمصير مجهول. لم يكن لديه خيار سوى البحث
عن ملجأ.
سافر داغرين لعدة أيام حتى وصل إلى
قرية نائية تُدعى "دارمير"، حيث عاش هناك متخفيًا تحت اسم مزيف. كبر
كايلون وهو لا يعلم شيئًا عن ماضيه الحقيقي، لكنه كان مختلفًا عن أطفال القرية.
كان أقوى، أسرع، وأكثر قدرة على التحمل. كان يشعر دائمًا أن هناك شيئًا خفيًا عنه،
وأن أباه يخفي عنه سرًا عظيمًا. داغرين كان يحميه ويدربه بصمت، يعلم أنه لا يمكنه
إخفاء الحقيقة إلى الأبد.
وذات يوم، عندما بلغ الرابعة عشرة،
جاء زائر غامض إلى القرية. كان فارسًا يرتدي درعًا أسود يحمل شارة نمر منقوش على
صدره. التفت إلى داغرين قائلاً: "لقد عثروا عليك، وليس لديك خيار سوى القتال
أو الهرب مجددًا."
لكن هذه المرة، لم يكن هناك مجال
للهروب...
الفصل
الثاني: الإرث المجهول
عندما سمع كايلون كلمات الرجل
الغامض، شعر بأن نيرانًا اشتعلت داخله. كيف يمكن أن يكون والده يخفي عنه ماضيه؟
ولماذا يبدو الجميع وكأنهم يعرفون شيئًا يجهله؟
لم يمض وقت طويل حتى حوصرت القرية من
قبل رجال مجهولين يرتدون دروعًا فضية، يحملون سيوفًا طويلة وأعينهم مليئة بالغضب.
"نحن هنا من أجل داغرين! سلموه إلينا وسنترك القرية بسلام!"
لكن داغرين لم يكن ليفر مرة أخرى.
أمسك بسيفه الذي لم يلمسه منذ سنوات، ونظر إلى كايلون قائلاً: "ابني، هذا هو
وقت الحقيقة. هناك أشياء يجب أن تعرفها."
دارت المعركة بسرعة، كان داغرين
مقاتلًا لا يُقهر، لكن الأعداء كانوا أكثر عددًا. شعر كايلون بالعجز، لكنه في لحظة
غريبة، وجد نفسه ممسكًا بسيف أحد الجنود. لم يعرف كيف يتحرك، لكنه تحرك كأن القوة
تسري في عروقه.
قاتل بشراسة، وكأن جسده يتذكر شيئًا
من ماضيه المفقود. لكن النتيجة كانت مأساوية. في نهاية القتال، سقط داغرين أرضًا،
مضرجًا بدمائه. أمسك بيد كايلون وقال: "ابحث عن القلعة السوداء... هناك ستجد
إجاباتك..." ثم أغمض عينيه للأبد.
هرب كايلون من القرية بعد أن أصبحت
رمادًا، حاملاً معه حزنًا عميقًا وغضبًا لم يشعر به من قبل. بدأ رحلته نحو القلعة
السوداء، بحثًا عن ماضيه وإرثه الحقيقي...
الفصل
الثالث: القلعة السوداء
كانت القلعة السوداء أسطورة يتداولها
الناس في الخفاء. يقال إنها موطن لمحاربي الظل، حيث يتم تدريب أقوى المقاتلين،
وحيث لا ينجو إلا من كان يستحق.
استغرقت رحلة كايلون شهورًا، واجه
خلالها قطاع الطرق والوحوش البرية، لكنه لم يتراجع. وأخيرًا، وقف أمام بوابة
القلعة، حيث استقبله رجل ذو شعر أبيض وعينين حادتين.
"من أنت؟" سأل الرجل.
"كايلون، ابن داغرين. جئت أبحث عن
الحقيقة."
نظر إليه الرجل طويلاً ثم قال:
"الحقيقة؟ لا أحد يأتي إلى هنا ليبحث عن الحقيقة، بل ليبحث عن القوة."
ثم فتح البوابة ببطء وقال: "ادخل، ودعنا نرى إن كنت تستحق."
لم يكن يعلم كايلون أن رحلته
الحقيقية قد بدأت الآن.
الفصل
الرابع: اختبار النار
عند دخوله القلعة، وجد كايلون نفسه
في ساحة ضخمة محاطة بتماثيل حجرية لمحاربين قدامى. كانت الأرض مليئة بالأشواك
والفخاخ، والنار تشتعل في كل مكان. تقدم إليه أحد المدربين قائلاً: "إذا كنت
ترغب في البقاء هنا، فعليك اجتياز اختبار النار."
لم يكن هناك وقت للسؤال. فجأة،
اشتعلت النيران حوله، وبدأت الأرض تهتز تحت قدميه. كان عليه أن يتفادى النيران، أن
يقاتل محاربين ظلاليين، وأن يثبت أنه يستحق المعرفة التي يبحث عنها. تحرك بسرعة
ورشاقة، متجنبًا الفخاخ والأشواك، وحارب المحاربين الظلاليين بكل ما أوتي من قوة.
في لحظة معينة، واجه كايلون محاربًا
ظلّيًا يتحدث بلغة غريبة، لكن رغم ذلك، فهم كايلون كلمات المحارب بوضوح. قال
المحارب: "أنت لست هنا من أجل القوة فقط، بل من أجل الحقيقة. إنك تحمل في
داخلك قوة قديمة، قوة النمور الحديدية."
استغرق الاختبار ساعات، شعر كايلون
وكأنه يموت في كل لحظة، لكنه لم يستسلم. عندما انتهى، وقف أمام القائد وقال له:
"أنت لست مجرد ابن داغرين، بل وريث إرث قديم."
بعد اجتيازه الاختبار، قاده القائد
إلى غرفة سرية تحت الأرض. في هذه الغرفة، كانت هناك خريطة قديمة تظهر مواقع القلاع
القديمة الأخرى التي تحتوي على أسرار عائلة كايلون. أدرك كايلون حينها أن رحلته لم
تنته بعد، وأنه عليه اكتشاف هذه القلاع ومعرفة المزيد عن إرثه.
الفصل
الخامس: الحقيقة المخفية
بعد اجتيازه الاختبار، قاد القائد
كايلون إلى قاعة مليئة بالمخطوطات القديمة. أمسك بإحدى الوثائق وقال له: "هذه
قصة عائلتك، قصة الدم والحديد."
علم كايلون أن والده لم يكن مجرد
محارب، بل كان آخر حراس عهد قديم، عهد اختفى لكنه لم يمت. كان على كايلون أن يقرر:
هل يسير على خطى أبيه؟ أم يخلق مصيره بنفسه؟
في القاعة، وجد كايلون مخطوطة تتحدث
عن قوى قديمة وأنها تستطيع منح حاملها قدرات فائقة. لكن هذه القوى محفوفة
بالمخاطر، ولا يمكن الحصول عليها إلا بالتضحية الكبيرة. بدأ كايلون في دراسة
المخطوطات، محاولاً فهم تاريخه وتاريخ قبيلته.
ذات ليلة، سمع كايلون همسات تأتي من
المخطوطات. استغرب الأمر، لكنه قرر اتباع الصوت. قادته الهمسات إلى غرفة مخفية تحت
الأرض، حيث وجد صندوقًا قديمًا مغلقًا. عندما فتح الصندوق، وجد فيه سيفًا قديمًا
ودرعًا محفورًا عليهما رمز النمر الحديدي. أدرك كايلون أن هذه الأدوات هي مفتاح
فهم قوته الحقيقية.
بدأ كايلون تدريبه باستخدام السيف
والدرع، وعرف أن عليه مواجهة تحديات أكبر في المستقبل. كان يعلم أن رحلته لم
تنتهِ، بل بدأت للتو...
تعليقات
إرسال تعليق