رواية: طريق المداح | المُبشِّر والمجهول
الفصل
الأول: اللعنة الأولى
في قرية صغيرة على أطراف الصحراء،
كانت ليلة ولادة صابر غير عادية. الرياح كانت تعصف بقوة، والسماء كانت مضطربة
بغيوم سوداء، وكأن الطبيعة نفسها كانت تُعلن عن قدوم شيء غير عادي. في داخل منزل
متواضع، كانت والدته تعاني من آلام ولادة قوية، وصراخها كان يسمع في أنحاء القرية.
مع كل صرخة لها، كانت الحيوانات في الخارج تصرخ أيضًا، مما أضفى جوًا مرعبًا على
تلك الليلة.
بعد صراع طويل مع الألم، وُلد صابر،
لكن والدته لم تتحمل ذلك الرحيل وفارقت الحياة فورًا، تاركة خلفها طفلًا يحمل
سرًّا لا يعرفه أحد. تولى الشيخ سلام تربيته، وهو رجل حكيم معروف بقدرته على فك
السحر وعلاج المسّ. كان الشيخ سلام يعرف أن ولادة صابر لم تكن عادية، وكان يتعامل
مع قوى غامضة في محاولة لحماية القرية من لعنة غير معروفة. كان يعلم أن ظهور صابر
كمخلص محتمل ليس صدفة، بل هو قدر مقدر.
منذ صغره، كان صابر مختلفًا عن
أقرانه. كان يرى أحلامًا غريبة، كائنات غامضة تهمس له بأشياء غير مفهومة. في أحد
الأيام، بينما كان يلعب مع الأطفال في الحقول القريبة من القرية، سقط فجأة مغشيًّا
عليه. أسرع الأطفال بإبلاغ الشيخ سلام، وعندما أفاق صابر أخبره بأنه رأى رجلًا
يرتدي عباءة سوداء وعيناه تشتعلان كالجمر، وقال له بصوت كالرعد: "أنت لنا...
لن تهرب!"
الشيخ سلام لم يرد إخافته، لكنه أدرك
أن اللعنة التي حملها هذا الطفل ليست سهلة، وأن المعركة الحقيقية ستبدأ عندما
يكبر. لذا بدأ يُعلّم صابر كيف يواجه القوى الغامضة، وكيف يستخدم القرآن للدفاع عن
نفسه وعن الآخرين.
الفصل
الثاني: العين الحمراء
مرت السنوات وكبر صابر، وأصبح شابًا
قويًّا في إيمانه، لكنه لم يستطع التخلص من الأحلام المزعجة التي تراوده. كانت
الأحلام تزداد واقعية، وفيها يرى نفس الرجل الغامض ذي العينين المتوهجتين. ذات
ليلة، بينما كان يجلس في غرفته يقرأ القرآن، سمع صوتًا يناديه من الخارج. نهض وفتح
الباب، لكنه لم يجد أحدًا. عاد إلى الداخل، لكنه لاحظ ظلًا أسود يتحرك في الزاوية
وعينين حمراوين تحدقان به.
شعر بجسده يتجمد، لكنه استجمع قواه
وبدأ في تلاوة القرآن بصوت عالٍ. اختفى الظل فجأة، تاركًا خلفه رائحة كبريت خانقة.
أدرك حينها أن ما يواجهه ليس مجرد أحلام، بل كيان حقيقي يسعى للسيطرة عليه.
كان صابر يرى في أحلامه أماكن غريبة
وأشخاصًا يبدون وكأنهم من زمن بعيد. كان يشاهد أحداثًا وكأنها تحدث أمام عينيه.
هذه الأحلام زادت من شعوره بالعزلة، حيث أن الأصدقاء والجيران كانوا يتحدثون عنه
ويتساءلون عن سبب التغيرات الغريبة التي تحدث له.
الفصل
الثالث: لعنة الجدود
في أحد الأيام، قرر صابر البحث عن
الحقيقة وراء أحلامه والكيانات التي يراها. بدأ بطرح الأسئلة على الشيخ سلام، الذي
حاول التهرب في البداية، لكنه في النهاية اضطر للاعتراف:
"أنت لست طفلًا عاديًا، صابر... هناك
لعنة قديمة تطارد عائلتك منذ مئات السنين. أحد أجدادك تعامل مع الجن وكسر عهدًا
كان يجب عليه الوفاء به. ومنذ ذلك الحين، يحاولون استعادة ما أخذ منهم."
كانت القصة تعود إلى زمن بعيد، حيث
كان جد صابر الأكبر عالمًا في علوم السحر والجن. كان قد استدعى كيانًا قويًا من
الجن وأبرم معه اتفاقًا. لكن الجد الأكبر لم يستطع الوفاء بعهده، مما أغضب الكيان
وقرر مطاردة نسل الجد الأكبر للأبد.
لم يفهم صابر تمامًا ماذا يعني هذا
الكلام، لكنه شعر بأن هناك شيئًا في داخله يتحرك، وكأن ذكر هذه القصة أيقظ شيئًا
كان نائمًا بداخله.
الفصل
الرابع: الباب الأسود
في الليلة التالية، استيقظ صابر على
صوت طرق عنيف على الباب. عندما فتحه، وجد امرأة عجوزًا بوجه شاحب وعينين غائرتين،
قالت له بصوت مخيف: "لا تبحث عن الحقيقة... ستندم!" ثم اختفت أمام
عينيه، وكأنها لم تكن موجودة.
لم يستطع صابر التراجع الآن، لقد قرر
مواجهة الحقيقة مهما كلفه الأمر. بدأ يبحث في المخطوطات القديمة الموجودة في مكتبة
الشيخ سلام، حتى وجد وثيقة قديمة كتبها جده الأكبر، يحذر فيها من فتح "الباب
الأسود"، وهو بوابة يُقال إنها تربط بين عالم البشر وعالم الجن.
قرر الذهاب إلى المكان المذكور في
الوثيقة، وهو كهف قديم يقع على أطراف القرية. عندما دخل إلى الكهف، أشعل مصباحه،
فوجد جدرانًا منقوشة برموز غامضة وأشكال غريبة. في زاوية الكهف، وجد صندوقًا
خشبيًا مغلقًا بسلاسل حديدية. عندما لمسه، سمع همسات تتردد في الهواء، وأحس بتيار
بارد يحيط به.
فجأة، انفتحت السلاسل من تلقاء
نفسها، وانفتح الصندوق ليطلق دخانًا أسود خرج منه ظل ضخم له عيون متوهجة. نظر إليه
وقال: "أخيرًا... لقد وجدناك!". تحدث الظل مع صابر وكشف له بعض الأسرار
الغامضة حول مصير عائلته واللعنة التي تطاردهم.
الفصل
الخامس: المواجهة الأخيرة
عاد صابر إلى الشيخ سلام وأخبره بكل
ما حدث في الكهف، لكن الشيخ كان يعلم أن الوقت قد فات. لقد فتح صابر الباب الذي لم
يكن يجب أن يُفتح، وأطلق العنان لقوى غامضة.
في تلك الليلة، بدأت القرية تشهد
أحداثًا غير طبيعية. ظهرت كائنات غريبة في الشوارع والمنازل، وأصبحت الأحلام
كوابيس مرعبة. وفي منتصف الليل، وجد صابر نفسه واقفًا في ساحة واسعة، وأمامه
الكيان الأسود الذي خرج من الصندوق.
قال له الكيان: "إما أن تتبعنا،
أو تنتهي هنا!"
لكن صابر لم يكن ضعيفًا، فقد أمضى
حياته يتعلم كيف يواجه الشر. استجمع كل قواه وبدأ في تلاوة القرآن بصوت قوي. اهتزت
الأرض مع كل كلمة نطق بها، وبدأت الظلال تتلاشى واحدة تلو الأخرى. الكائنات
الغريبة حاولت مهاجمته، لكن صوته كان يزداد قوة، حتى اختفى الكيان تمامًا.
الفصل
السادس: القيود المكسورة
ظن الجميع أن الأمر انتهى، لكن صابر
كان يعلم أن هذه ليست النهاية. كان يشعر بأن هناك شيئًا آخر، شيئًا أقوى لم يظهر
بعد.
في الليلة التالية، بينما كان ينظر
إلى البحر، رأى انعكاس صورته، لكنها لم تكن صورته... بل صورة الرجل الغامض ذي
العباءة السوداء.
ابتسم الانعكاس وقال له:
"المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد...".
أدرك صابر أن رحلته لم تنتهِ، بل
إنها بدأت لتوها. جمع المعلومات والأدوات من القرية لمواجهة التحدي القادم. بدأ
يتحدث مع كبار السن في القرية، ويستعين بذكرياتهم وتجاربهم لمزيد من الفهم
والتجهيز.
استعدادًا للمعركة القادمة، بدأ صابر
في التدريب بشكل مكثف. استمر في تعلم تقنيات جديدة للتعامل مع الكيانات الغامضة.
كما بدأ في البحث عن حلفاء داخل القرية، وتمكن من جمع فريق صغير من الأشخاص الذين
كانوا يؤمنون بقصته ويرغبون في مساعدته.
كان يعرف أن المواجهة النهائية ستكون صعبة، وأن اللعنة التي تطارده لن تزول بسهولة. لكنه كان مستعدًا لمواجهة أي تحدي يواجهه، وأقسم أن يقاتل حتى النهاية من أجل حماية القرية وأهلها
تعليقات
إرسال تعليق