رواية انتقام حتشبسوت: صراع العرش في مصر القديمة

 

الفصل الأول - بداية الانتقام

 

كانت الغرفة الكبيرة في قصر الملك مملوءة بالحزن والهمس المكتوم. جلست حتشبسوت، وريثة العرش المصري، بجوار جثمان والدها الملك الراحل، تحاول أن تخفي انفعالاتها الداخلية تحت قناع الحزن الملكي. لم تكن تشعر بالحزن فقط، بل كانت تشعر بالقلق المتزايد بشأن مستقبل حكمها بعد وفاة والدها.

رفعت عينيها لتلتقي بنظرات ابن زوجها، تحتمس الثالث، الذي كان يقف في الركن بصمت، ولكن بعيون تلمع بطموح لا يمكن إخفاؤه. كان واضحًا أنه لا يرحب بفكرة حتشبسوت تولي العرش بعد والدها. تنهدت حتشبسوت، وهي تدرك أن الطريق إلى الحكم لن يكون سهلاً.

فجأة، ظهر الكاهن الأكبر، شخصية مهيبة وغامضة، وتقدم ببطء نحو التابوت الملكي. رفع يديه ليصلي على روح الملك المتوفي، ثم التفت ببطء نحو حتشبسوت.

"يا ابنتي العزيزة،" قال بصوت خفيض. "لقد آن الأوان لك لتتولي مسؤولية الحكم. لكن عليك أن تدرك أن هذا الأمر لن يكون سهلاً. ستواجهين تحديات كبيرة من أولئك الذين يتطلعون إلى السلطة."

حتشبسوت أومأت برأسها بهدوء، وهي تدرك تمامًا ما يقصده الكاهن الأكبر. لقد كان على علم بطموح تحتمس الثالث، وكذلك بالمؤامرات التي قد تحيط بها داخل القصر.

"لا تقلقي يا ابنتي،" تابع الكاهن الأكبر. "ستكون هناك من يدعمك في هذه المعركة. لكن عليك أن تكون حذرة وقوية. فقط بهذه الطريقة ستتمكنين من الحفاظ على عرشك."

غادر الكاهن الأكبر الغرفة، تاركًا حتشبسوت تغرق في أفكارها. كانت تشعر بالقلق والحزن، ولكن أيضًا بالعزم على إثبات جدارتها في الحكم. لن تسمح لأي شخص بأن ينتزع منها ما هو حق لها بالميراث.

في هذه الأثناء، لاحظت حتشبسوت نظرات تحتمس الثالث الثاقبة وهو ينظر إليها. كان واضحًا أنه لا يرغب في أن تصبح هي الملكة الجديدة. ستكون هناك معركة حاسمة بينهما من أجل السلطة.

فجأة، دخلت مربية حتشبسوت إلى الغرفة، وهي تحمل في يدها لفائف البردي القديمة. اقتربت من حتشبسوت وأمسكت بيدها بحنان.

"يا ابنتي العزيزة،" قالت بصوت رقيق. "لقد آن الأوان لك لتتولي مسؤولية الحكم. لكن عليك أن تتذكري دائمًا الحكمة التي تعلمتها من أجدادك. لا تنس أن القوة الحقيقية تكمن في الحكمة والرحمة، لا في القوة العسكرية فقط."

حتشبسوت نظرت إلى مربيتها بامتنان. لقد كانت دائمًا مصدر الحكمة والتوجيه لها، وكانت تعلم أنها ستحتاج إلى هذه الحكمة في الأيام القادمة.

"شكرًا لك يا مربيتي،" قالت حتشبسوت بصوت خافت. "لقد تعلمت الكثير منك، وسأحتاج إلى هذه الدروس في المعركة التي تنتظرني."

ابتسمت المربية بدفء وغادرت الغرفة، تاركة حتشبسوت تغرق في أفكارها. كانت تعلم أن الطريق أمامها لن يكون سهلاً، ولكنها كانت مصممة على إثبات جدارتها وحقها في الحكم. لن تسمح لأي شخص بأن ينتزع منها ما هو حق لها بالميراث

 

الفصل الثاني: تحالفات خطيرة

 

بعد وفاة الملك، كان على حتشبسوت أن تتخذ خطوات حاسمة لتأمين موقعها على العرش. لم تكن مهمتها سهلة، فقد كان ابن زوجها، تحتمس الثالث، يتطلع إلى الحكم بشدة، وكان هناك الكثير من الكهنة والنبلاء الذين كانوا يخشون من قوة امرأة على رأس الدولة.

في صباح اليوم التالي، استيقظت حتشبسوت مبكرًا وتوجهت إلى المعبد الكبير في طيبة. كان هذا المعبد مركز القوة الدينية في مصر القديمة، وكان الكاهن الأكبر هو الشخص الأكثر نفوذًا بعد الملك. حتشبسوت كانت تعلم أنها بحاجة إلى دعم هذا الرجل إذا أرادت أن تحكم بسلام.

عندما وصلت إلى المعبد، رحب الكاهن الأكبر بها بابتسامة دافئة. "أهلاً بك، ابنتي. لقد كنت أنتظر وصولك." قال بصوت هادئ.

"شكرًا لك على استقبالك لي، سيدي." ردت حتشبسوت بتواضع. "أنا هنا لأطلب مساعدتك في هذه الأوقات العصيبة."

الكاهن الأكبر أومأ برأسه. "أعلم أن وفاة والدك قد تركت فراغًا كبيرًا في القصر. لكن اعلمي أن الآلهة تحرسك وتحمي حقك في الحكم."

حتشبسوت شعرت بالراحة لسماع هذه الكلمات. "أنا ممتنة لك، سيدي. لقد أتيت إليك لأطلب نصيحتك حول كيفية التعامل مع تحتمس الثالث. إنه يتطلع إلى العرش بشدة."

الكاهن الأكبر تأمل في وجه حتشبسوت لبرهة. "ابنتي، عليك أن تكوني حذرة. تحتمس الثالث قوي وطموح، وسيفعل أي شيء للوصول إلى الحكم. لكن الآلهة قد اختارتك لتكوني ملكة مصر."

"ماذا تقترح علي أن أفعل؟" سألت حتشبسوت بقلق.

"عليك أن تبني تحالفات قوية مع الكهنة والنبلاء. إنهم سيكونون أعمدة دعمك في هذه الأوقات العصيبة." أجاب الكاهن الأكبر. "كما عليك أن تتعلمي عن التقاليد والممارسات القديمة التي قد تساعدك في تعزيز سلطتك."

حتشبسوت أومأت برأسها بفهم. "سأفعل ما تقول، سيدي. سأبذل قصارى جهدي لحماية حقي في الحكم."

"هذا جيد، ابنتي." قال الكاهن الأكبر بابتسامة. "الآلهة تحرسك. لا تخافي من التحديات التي ستواجهينها."

بعد هذا الاجتماع، عادت حتشبسوت إلى القصر وبدأت في تنفيذ خطتها. أولاً، قامت بتعيين مستشارين جدد من بين الكهنة والنبلاء الأكثر نفوذًا. كان هؤلاء الرجال سيكونون حلفاءها في معركتها ضد تحتمس الثالث.

في الوقت نفسه، بدأت حتشبسوت في دراسة التقاليد والممارسات القديمة التي قد تساعدها في تعزيز سلطتها. قضت ساعات طويلة في المكتبة الملكية، تقرأ عن طقوس التتويج والممارسات الدينية التي كان من الممكن أن تستخدمها لتشريع حكمها.

لكن لم تكن المهمة سهلة. كان تحتمس الثالث يراقب تحركات حتشبسوت بعناية، ويحاول بشتى الطرق إضعاف موقفها. في إحدى المرات، حاول إقناع أحد الكهنة الكبار بالانسحاب من دعم حتشبسوت، لكن المحاولة باءت بالفشل.

"لن أتخلى عن الملكة حتشبسوت." قال الكاهن بحزم. "إنها الوريثة الشرعية للعرش، وستكون ملكة مصر."

تحتمس الثالث غضب من هذا الرد، لكنه لم يستسلم. كان مصممًا على الوصول إلى السلطة بأي ثمن.

في الأثناء، كانت حتشبسوت تشعر بالقلق المتزايد. كانت تعلم أن المعركة لم تكن قد انتهت بعد، وأن تحتمس الثالث لن يتوقف عن محاولاته للسيطرة على العرش. لكنها كانت مصممة على الدفاع عن حقها في الحكم، مهما كلفها ذلك

 

الفصل الثالث: نزاع السلطة

 

تحركت حتشبسوت بحذر في ردهات المعبد الكبير في طيبة، وهي تشعر بالتوتر والقلق. كان الكاهن الأكبر قد دعاها إلى هذا اللقاء السري، مشيرًا إلى أن لديه معلومات هامة تستحق الاستماع إليها.

"لقد اكتشفت مؤامرة خطيرة تستهدفك، يا ابنتي،" قال الكاهن الأكبر بصوت خافت. "هناك من يسعى إلى التخلص منك للسيطرة على العرش."

حتشبسوت شعرت بقشعريرة تسري في جسدها. لم تكن مفاجأة بالنسبة لها أن يكون تحتمس الثالث وراء هذا التآمر، لكن معرفة أن هناك من يخطط لاغتيالها جعلها تشعر بالخوف والغضب في آن واحد.

"هل لديك أي معلومات عن هذه المؤامرة؟ من يقف وراءها؟" سألت حتشبسوت بلهفة.

الكاهن الأكبر تنهد ببطء قبل أن يجيب: "لقد تلقيت إشارات من بعض الكهنة المقربين من تحتمس. يبدو أنهم على استعداد لدعم طموحاته في مقابل مكافآت سخية. لا أستطيع أن أؤكد لك بالضبط من هم المتورطون، لكن عليك أن تكون على حذر شديد."

حتشبسوت أومأت برأسها بتفهم. كانت تدرك أن الكهنة والنبلاء سيكونون أكثر الجهات خطورة عليها، فهم يمتلكون القوة والنفوذ اللازمين لتنفيذ مؤامرات ضدها. لكن هذا لن يثنيها عن المضي قدمًا في مسعاها للحفاظ على عرشها.

"شكرًا لك على إطلاعي على هذه المعلومات الحساسة. سأكون على أهبة الاستعداد لمواجهة أي محاولات للإطاحة بي. لن أسمح لأحد بالنيل من حقي في الحكم."

الكاهن الأكبر نظر إليها بتعاطف. "أنا أعلم أنك قوية وذكية، يا ابنتي. لكن عليك أن تكون حذرة أيضًا. هؤلاء الخصوم لن يتوانوا عن استخدام أي وسيلة للتخلص منك. عليك أن تبني تحالفات قوية وتستعد لمواجهة أي طارئ."

"سأفعل ذلك، أيها الكاهن العظيم،" ردت حتشبسوت بعزم. "لن أتراجع أمام أي تهديد. هذا العرش هو حقي بالميراث، وسأدافع عنه بكل ما أوتيت من قوة."

غادرت حتشبسوت المعبد وهي تشعر بالغضب والتصميم. لن تسمح لتحتمس الثالث أو أي شخص آخر بالسيطرة على ما هو حق لها. ستستخدم كل الوسائل الممكنة للحفاظ على مكانتها كملكة.

في الأثناء، كان تحتمس الثالث يجتمع مع مجموعة من أنصاره في قصر الملك. كان الغضب واضحًا على ملامحه.

"لقد فشلنا في التخلص من حتشبسوت كما خططنا. الكاهن الأكبر قد حذرها من المؤامرة!" صاح تحتمس بغضب.

أحد المستشارين المقربين حاول تهدئته. "لا تقلق، سيدي. لدينا خطط أخرى في الطريق. سنجد طريقة للتخلص منها دون أن يشك أحد."

تحتمس الثالث تنهد بعمق. "يجب أن نتحرك بحذر. إذا اكتشفت حتشبسوت مؤامراتنا، فسوف تسحق كل من يقف في طريقها. علينا أن نكون أكثر ذكاءً وخبثًا منها."

انتشر الهمس بين المستشارين وهم يخططون لخطواتهم القادمة. كانت المعركة على العرش قد بدأت، ولن يتنازل أي من الطرفين بسهولة

الفصل الرابع: المواجهة النهائية

 

كانت مدينة طيبة في حالة ترقب شديد. قبل أيام قليلة، انتشرت أنباء عن اقتراب المواجهة الحاسمة بين حتشبسوت وتحتمس الثالث في أحد المعابد الكبرى. كان الجميع يترقب هذه المواجهة التي ستحسم مصير الحكم في مصر.

في قاعة المعبد الكبير، اجتمع تحتمس الثالث مع مجموعة من الكهنة والنبلاء الذين كانوا على استعداد لدعمه في سعيه للإطاحة بحتشبسوت. كان الجو مشحونًا بالتوتر والقلق.

"لقد حان الوقت لإنهاء هذا الصراع من جذوره،" قال تحتمس الثالث بصوت حازم. "لا يمكن أن أسمح لحتشبسوت بالاستمرار في الحكم. هذا العرش ينتمي لي وأنا سأفعل كل ما في وسعي للسيطرة عليه."

أحد الكهنة المقربين من تحتمس الثالث تقدم وقال: "نحن معك في هذه المعركة، سيدي. لقد أعددنا كل شيء. سنضمن أن تخرج منتصرًا من هذه المواجهة."

في هذه اللحظة، فتحت الأبواب ودخلت حتشبسوت، محاطة بحراسها الخاصين. كان وجهها جادًا وعزمها راسخًا. وقفت أمام تحتمس الثالث وأنصاره وقالت بصوت قوي:

"لقد جئت إلى هنا اليوم لإنهاء هذا الصراع الذي لا طائل منه. أنا الملكة المشروعة لهذا البلاد وليس لك أي حق في المطالبة بالعرش. سأدافع عن حقي بكل ما أوتيت من قوة."

تحتمس الثالث تقدم خطوة وأجاب بغضب: "لن أسمح لك بالاستمرار في الحكم. هذا العرش ينتمي لي وأنا سأستولي عليه بأي ثمن. لن تكوني أنت من يحكم مصر."

في هذه اللحظة، ظهر الكاهن الأكبر من بين الحضور وقال بصوت هادئ: "إن الأمر ليس بهذه البساطة، يا تحتمس. لقد أوصانا الآلهة بأن نحمي حتشبسوت وننصرها. إنها الملكة الشرعية وسنقف إلى جانبها."


انتشر الذهول على وجوه الحاضرين. لم يكن أحد يتوقع أن الكاهن الأكبر سيدعم حتشبسوت بهذه الطريقة. تحتمس الثالث شعر بالغضب والإحباط.

"كيف تجرؤ على الوقوف ضدي؟" صرخ تحتمس. "أنتم جميعًا ستدفعون ثمن هذا الخيانة!"

حتشبسوت رفعت يدها لتهدئة الأمور وقالت بهدوء: "لا داعي للعنف، تحتمس. هناك طريق آخر لإنهاء هذا الصراع. أنا مستعدة للتفاوض معك بشرط أن تعترف بحقي في الحكم."

تحتمس الثالث كان على وشك الرد عندما دخلت مربية حتشبسوت إلى القاعة. اقتربت من حتشبسوت وهمست في أذنها شيئًا. بدا أن حتشبسوت قد تلقت معلومات مهمة.

"لقد حان الوقت لإنهاء هذا الصراع،" قالت حتشبسوت بحزم. "سأعطيك فرصة واحدة، تحتمس. اقبل بحكمي أو استعد لمواجهة عواقب رفضك."

تحتمس الثالث بدا متردداً للحظة، ولكن غطرسته لم تسمح له بالتراجع. "لن أخضع لك أبدًا، حتشبسوت. هذا العرش ينتمي لي وسأخذه بالقوة إذا لزم الأمر."

في هذه اللحظة، انفتحت الأبواب مرة أخرى وظهر الكاهن الأكبر محاطًا بعدد من الكهنة المسلحين. "لقد آن الأوان لوضع حد لهذا الصراع،" قال الكاهن الأكبر. "تحتمس الثالث، أنت مطالب بالخضوع لحتشبسوت أو مواجهة عواقب رفضك."

تحتمس الثالث نظر حوله وأدرك أنه محاصر. لم يكن لديه خيار سوى الاستسلام. بعد لحظات من الصمت المشحون، قال بصوت منخفض: "لقد انتصرت هذه المرة، حتشبسوت. ولكن لا تظني أنني سأتخلى عن طموحي في النهاية."

ابتسمت حتشبسوت بانتصار وقالت: "لا تقلق، تحتمس. سأعطيك فرصة أخرى لإثبات نفسك. ولكن هذه المرة ستكون تحت إشراف الكهنة والنبلاء. لن أسمح لك بالتسبب في المزيد من الفوضى."

في هذه اللحظة، دخلت مربية حتشبسوت إلى القاعة وأشارت إلى حتشبسوت أن تتبعها. حتشبسوت اتبعتها إلى غرفة خاصة حيث كانت مجموعة من الكهنة ينتظرونها.

"لقد نجحت في إنهاء هذا الصراع بشكل مؤقت،" قالت مربية حتشبسوت. "ولكن هناك تهديدات أخرى تنتظرك. الكهنة لديهم معلومات مهمة يريدون مشاركتها معك."

حتشبسوت استمعت بانتباه إلى ما قاله الكهنة. كان واضحًا أن الصراع على العرش لم ينته بعد، وأن عليها أن تكون على أهبة الاستعداد لمواجهة تحديات أخرى في المستقبل. ولكن في هذه اللحظة، كانت فخورة بنفسها لأنها تمكنت من الحفاظ على حقها في الحكم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أجنحة الامل : مستوحاه من رواية شاهين السماء

مذكرات نشال | للمعلم عبد العزيز "النص"

رواية : ملكة الملح الأسود | 2025

رواية: لعبة الساعات الزجاجية | لا أحد يهرب من عدّاد الذكريات

رواية شمس الغروب | مستوحاة من رواية "كبرياء وتحامل"

رواية : ظل العقاب | مستوحاه من روايه "الشيطان شاهين"

رواية : العابر بين النجوم | عن روايه الأمير الصغير

روايه: ظل القمر | عن قصة الزوجة والثعلب