رواية رحلة الإنقاذ: عبور الأدغال الكثيفة
الفصل الأول: نداء الاستغاثة
كانت السماء تبدو كأنها تُلقي بثقلها على المدينة صباح ذلك اليوم،
غيوم كثيفة، ورياح باردة تسبق عاصفة قادمة. في غرفة عمليات مركز الإنقاذ الدولي،
كانت شاشة كبيرة تعرض خرائط متنوعة وتضاريس وعلامات طوارئ. في ركن الغرفة، جلس
الرائد "حسام" مشغولاً بمراجعة تقارير سابقة عندما رن جهاز الاتصال
فجأة. تحولت الأنظار إلى الشاشة الرئيسية، حيث ظهرت إشارة استغاثة قادمة من قلب
الأدغال الاستوائية الكثيفة، حيث فُقد فريق بحثي قبل أيام.
"حسام،
لدينا مشكلة كبيرة، الفريق البحثي المفقود منذ خمسة أيام في منطقة الأدغال قد أرسل
إشارة استغاثة ضعيفة للتو. الأمر خطير للغاية."
قال الضابط المشرف على غرفة العمليات بلهجة تحذر من خطورة الوضع. نهض
حسام بسرعة واندفع نحو الشاشة، وكان وجهه مفعماً بالقلق. كان الفريق البحثي يضم
نخبة من العلماء المتميزين في دراسة النباتات الطبية النادرة، وهي رحلة تمويلها
دولة كبيرة بهدف العثور على علاج جديد لمرض نادر.
"72 ساعة...
هذا هو الحد الأقصى الذي يمكننا أن نأمله في ظل هذه الظروف"، قال حسام بصوت
عميق يختلط فيه التوتر والإصرار.
توافد أعضاء فريق الإنقاذ إلى غرفة العمليات في وقت قصير. كان
"علي" خبير الأدلة الميدانية أول الواصلين، وبدأ فورًا في تحليل
التضاريس التي ستواجه الفريق. "المنطقة التي أرسلوا منها الإشارة عبارة عن
غابة كثيفة جداً، مع تضاريس معقدة تشمل أودية وأنهار جبلية وأراضٍ مستنقعية"،
قال وهو يشير إلى الخريطة.
"هذا
يعني أن أي محاولة للوصول إليهم ستكون بطيئة وخطرة للغاية"، ردت "مريم"،
الطبيبة الميدانية، وهي تراجع اللوازم الطبية التي ستحملها. كانت تدرك أن الوقت هو
العدو الأكبر في مثل هذه المهام.
ثم وصل "سليم"، خبير التكنولوجيا والاتصالات، وكان يحمل معه
أجهزة متطورة لتعقب الإشارات الضعيفة والاتصالات عبر الأقمار الصناعية.
"لدينا معدات جديدة ستساعدنا على الحفاظ على الاتصال، ولكن بمجرد دخولنا عمق
الغابة، قد نواجه مشكلات كبيرة في الإشارة."
لم يكن هناك وقت للتفكير الطويل. تم تجهيز الفريق بأقصى سرعة، وتم
تحميل المعدات واللوازم في المروحية التي أقلعت باتجاه منطقة الإنزال الأقرب إلى
آخر نقطة وردت منها الإشارة. كانت المروحية تشق طريقها عبر الرياح المتزايدة،
والرؤية كانت تقل تدريجيًا مع اقترابهم من الأدغال.
بعد ساعتين من التحليق، وصلت المروحية إلى موقع الإنزال. كانت المنطقة
المحيطة تبدو غير ودية على الإطلاق؛ أشجار شاهقة، وأرض موحلة، وأجواء مشبعة
بالرطوبة. "حسام" أشار إلى الجميع بالخروج والاستعداد.
"انطلقوا،
أمامنا وقت قليل، وكل دقيقة مهمة"، قال حسام بينما كانوا يخطون أولى خطواتهم
داخل الغابة.
الفصل الثاني: الدخول إلى المجهول
مع بزوغ الفجر، بدأ الفريق يغوص أعمق في الأدغال. الأشجار كثيفة بشكل
غير طبيعي، وبدت كأنها جدار منيع لا يسمح بدخول الشمس. كل خطوة كان يشعر بها
الفريق بثقل الغابة الكثيفة التي تحاصرهم. صوت الحشرات كان يملأ الجو، ورائحة
الأوراق الرطبة تلتصق بالأنوف.
"الوضع
أصعب مما كنت أتصور"، قال "علي" وهو ينظر إلى جهاز التعقب،
"التضاريس هنا تتغير بشكل غير متوقع، يجب أن نعيد تقييم مسارنا باستمرار."
"هل
تشعرون بذلك؟" سألت "مريم" وهي تستدير فجأة، كان يبدو أنها تشعر
بشيء غير طبيعي في الهواء. الجميع توقفوا للحظة، لم يكن هناك شيء واضح، لكن شعوراً
بالخطر كان يخيم على المكان. الأصوات في الخلفية كانت تتغير بشكل غريب، وأحياناً
كانت تختفي تماماً وكأن الغابة نفسها تتنفس.
"ربما
هي الحيوانات البرية"، قال "سليم" وهو يحاول التخفيف من التوتر،
لكن شكوكه كانت واضحة في صوته.
استمروا في التقدم ببطء، لكن مع كل خطوة كانوا يشعرون أن شيئاً ما
يراقبهم. لم يكن الخطر واضحاً، لكنه كان ملموساً في الهواء، وكأن الغابة كانت
تحاول التحذير من شيء قادم.
بعد ساعات من السير، اكتشف الفريق شيئاً مقلقاً: آثار أقدام غريبة
وكبيرة جداً على الأرض. "هذه ليست لأي حيوان معروف"، قال
"علي" وهو ينحني لفحص الآثار.
بينما كانوا يواصلون السير، بدأت أشعة الشمس تتلاشى خلف غيوم كثيفة.
كان الظلام يقترب بسرعة، ومعه بدأ التوتر يتصاعد. فجأة، عثروا على أول دليل ملموس
على وجود الفريق البحثي: بقايا معداتهم الممزقة وأدوات ميدانية متناثرة في كل مكان.
"يبدو
أنهم كانوا هنا، لكن ما الذي حدث لهم؟" سألت "مريم" وهي تنظر حولها
بقلق.
"شيء ما
أخافهم، هذا واضح"، قال "حسام"، "علينا أن نكون أكثر حذراً من
الآن فصاعداً".
الفصل الثالث: المواجهة الأولى
بينما كانوا يستعدون لإقامة معسكر ليلي، حدث شيء غير متوقع. خرجت من
بين الأشجار أصوات غريبة أشبه بالأنين، لكنها لم تكن تنتمي لأي كائن معروف.
"استعدوا!" صرخ "حسام"، ورفع الجميع أسلحتهم الشخصية.
ثم ظهرت فجأة مخلوقات كبيرة وشبيهة بالحيوانات البرية، لكنها مختلفة
بشكل واضح. كانت تملك فراء داكنًا وعيونًا حمراء متوهجة، وبدت أكثر شراسة مما
يتوقعونه.
"ما هذه
الأشياء؟" صرخ "علي" وهو يحاول صد إحداها باستخدام سلاحه. الهجوم
كان سريعاً وشرساً، والمخلوقات كانت تهاجم دون توقف.
بفضل التدريب العسكري للفريق وخبراتهم، استطاعوا الدفاع عن أنفسهم
بصعوبة. استخدموا الأسلحة والعتاد المتطور للسيطرة على الوضع، لكن الجميع أدرك أن
هذه المخلوقات لم تكن طبيعية. شيء ما كان يسيطر عليها أو يدفعها للهجوم، وربما
يكون ذلك مرتبطاً باكتشاف العلماء المفقودين.
"هذه
المخلوقات ليست جزءًا من هذه الغابة، على الأقل ليس بالشكل الذي نعرفه"، قال
"سليم" بعد أن هدأت الأمور.
"أعتقد
أن ما نواجهه هنا هو أكثر مما كنا نعتقد، هناك شيء ما غير طبيعي يحدث في هذه
الغابة"، قال "حسام"، وهو ينظر نحو الأفق المظلم.
بعد الهجوم، قرر الفريق أن يواصلوا التقدم بسرعة أكبر. كانت الأدغال
تشكل تحدياً في كل خطوة، لكنهم لم يكونوا مستعدين للاستسلام. مع مرور الوقت، بدأوا
يشعرون أن شيئًا كبيرًا يقترب، ليس فقط بسبب المخلوقات الغريبة، بل بسبب الحضور
الغامض الذي بدا وكأنه يتزايد حولهم.
الفصل الرابع: الاكتشاف الكبير
مع مرور اليوم التالي، وبينما كانوا يسيرون عبر ممر ضيق بين الجبال،
لاحظ الفريق تغيرات غريبة في البيئة المحيطة. الأشجار بدت وكأنها تزداد غرابة، بعض
الأوراق كانت تتوهج بشكل خافت، وأصوات جديدة بدأت تظهر في الأجواء، كأن الغابة
تتحرك من تلقاء نفسها.
"أنظروا
هناك!" قال "علي" وهو يشير إلى شيء غريب في الأفق.
توجهوا نحو الموقع واكتشفوا معسكر العلماء المفقودين. المعسكر كان في
حالة فوضى عارمة، الخيام ممزقة، والمعدات متناثرة، لكن ما كان أكثر إثارة للقلق هو
عدم وجود أي أثر للجثث أو علامات تشير إلى ما حدث بالضبط.
"لا
يمكن أن يختفوا هكذا ببساطة"، قالت "مريم" وهي تفحص المكان.
"كان يجب أن يكون هناك على الأقل آثار دماء أو صراع."
"شيء ما
أخذهم، وربما لا يكون شيئاً عادياً"، قال "حسام" بصوت غامض.
بينما كانوا يفتشون في المعسكر، عثر "سليم" على دفتر
ملاحظات يعود إلى أحد العلماء المفقودين. وكانت المفاجأة في محتوى هذه المذكرات.
"يبدو
أنهم اكتشفوا شيئاً أكبر مما كنا نظن"، قال "سليم" وهو يقرأ بصوت
مرتفع. "لقد اكتشفوا بوابة حجرية غامضة في أعماق الغابة، يعتقدون أنها تعود
لحضارة مفقودة أو ربما شيء أكبر."
أثار ذلك قلق الجميع، إذ أن الحديث عن بوابة حجرية تحمل رموزًا غامضة
مرتبط بمفاهيم غريبة عن العوالم الموازية أو البوابات إلى أبعاد أخرى.
الفصل الخامس: القرار الأخير
قرر الفريق تتبع الدلائل المتبقية والوصول إلى البوابة الغامضة التي
ذكرها العلماء في مذكراتهم. بعد ساعات من التقدم المضني، وصلوا إلى منطقة غريبة
للغاية، حيث كانت الأشجار تأخذ أشكالًا غريبة والجو يصبح أثقل. وأمامهم كانت تقف
بوابة حجرية ضخمة.
"هل هذه
هي البوابة؟" سأل "علي" وهو ينظر إلى الرمز الغريب المحفور على
الحجر.
كانت البوابة تبدو قديمة جداً، وقد نمت حولها نباتات متشابكة، وكأن
الطبيعة نفسها كانت تحاول إخفاءها عن الأنظار. عندما اقترب الفريق من البوابة،
بدأت تظهر عليهم علامات التوتر.
، قالت "مريم"، "أشعر وكأنني مراقبة".
فجأة، ومع اقترابهم أكثر، ارتفعت أصوات غريبة من أعماق الغابة، وكأن
شيئًا يستعد للخروج.
جميلة جدا
ردحذف